بيان إلى الأمة العربية
صادر عن المؤتمر الناصري العام
في هذه اللحظات التاريخية الحاسمة يسطر شعبنا العربي في كنانة الأمة مصر ، وكما فعل قبل أيام ولا يزال في تونس الأبية وسيفعل بإذن الله في سائر الأرجاء العربية ، ملحمة رائعة من النضال الثوري لاستعادة إرادته التي طال اغتصابها من قوى الارتداد والاستبداد والقهر والخنوع للقوى الاستعمارية مثبتاً أن الأمة العربية قادرة بعزيمة رجالها ونسائها ، شبابها وشيوخها ، على قلب موازين القوى التي بدت لآماد طويلة أنها في صالح قوى الطغيان والهيمنة داخلياً وخارجياً ، وعلى مواجهة أعتى الترسانات بصدورها العارية ودحرها والانتصار عليها .
وكما حدث في يوليو 1952 عندما بلغ وضع الأمة ولا سيما في قلبها مصر درجة من السوء والتردي والانسداد وانعدام الأمل وهيمنة المستعمر المحتل والنظام الباطش العميل وضعف القوى السياسية عن المقاومة والتغيير وإذا بالشعب يفاجئ الجميع عبر طليعة عسكرية تحقق المعجزة وتقلب موازين القوى في المنطقة بأسرها وتفاجئ قوى الاستعمار وتشل حركتها وتفتح الطريق أمام الشعب العربي لاستعادة كرامته وفرض إرادته ، كذلك جاءت مفاجأة هذا الشعب الأبي هذه المرة من حيث لم يحتسب الجميع وبعد أن اطمأنت القوى المعادية إلى وهن قوى المعارضة والتغيير وتشرذمها ؛ جاءت من قطاع استهانت به التحليلات وصنفت غالبيته العظمى في دوائر العبث واللهو وعدم الاكتراث بقضايا الأمة وكان بالتالي خارج الحساب ، جاءت من شباب هذه الأمة الذي انتفض فجأة كالمارد فإذا بدماء الثورة تعصف في شرايين الأمة وتقوم كالعنقاء كلما ظنوها ماتت تتجدد أكثر حيوية وعنفواناً .. ومرة أخرى تسبق قوى الشعب وطليعته الثورية ( الشباب هذه المرة ) نخبه وقواه السياسية وتعيدها إلى مسار التغيير المطلوب بعد طول تراخٍ أو جنوح أو خنوع .
لقد خرج الشعب المصري بأسره ومنذ الخامس والعشرين من يناير في كل مدن مصر وبلداتها معلنا ثورته على نظام الارتداد والعمالة والفساد والاستبداد الذي بدد مكتسبات الشعب ونهب ثرواته ومقدراته ونقل السلطة من يد قوى الشعب العامل إلى قوى الرأسمالية الطفيلية والاحتكار ووكلاء الشركات الأجنبية ، ومؤكداً أنه لن يتراجع حتى يسقط هذا النظام برموزه ومؤسساته وقواه وصلاته المشبوهة .
لقد لجأ النظام الذي يتهاوى يائساً إلى خطة شبيهة بما لجأ إليها نظام بن علي المخلوع في تونس ، فعندما اندحرت قوى الأمن المركزي – يد النظام الباطشة – لجأ إلى خطة دنيئة تمثلت بما يلي :
- سحب كامل وفجائي لكل عناصر الأمن والشرطة تاركين المواطنين وكل مرافق البلد بلا حماية .
- استئجار بلطجية واستنفار ميليشيا الحزب الحاكم التي كانت تستخدم للترهيب في الانتخابات ، وتسليط هذه العناصر على المواطنين لترويعهم وإرهابهم وإجبارهم على الرجوع إلى بيوتهم لحمايتها .
- فتح السجون في كل أنحاء مصر وإطلاق عتاة المجرمين ليكونوا عنصراً ترويعياً آخر .
- دس افراد الشرطة السرية بالثياب المدنية بين المتظاهرين لذات الأغراض ولبث البلبلة والشائعات .
- التعامل بأقصى عنف في بداية الثورة وضرب الجماهير بالرصاص المطاطي والحي والقنابل الغازية وكل الوسائل القمعية الأخرى لفض التظاهر وإجبار الجماهير على التفرق .
- إغلاق خدمات العيش من مخابز وبقاليات وصيدليات لتجويع الناس وإحداث نقص في الخدمات الغذائية مما يؤثر على معنويات الجماهير الثائرة .
ولما فشلت هذه الخطة عاد النظام إلى التظاهر بنيته على التغيير والحوار السياسي فعين حكومة جديدة ونائباً لرئيس الجمهورية ولوح بالقوة العسكرية من خلال تحليق المروحيات وطائرات ال ف 16 على ارتفاع منخفض فوق المتظاهرين ، وقبل ذلك وخلاله قطع الاتصالات وشبكة الانترنت والتعتيم الإعلامي وحجب الفضائيات وتشويه الحقائق من خلال القنوات الرسمية والقنوات العربية المتواطئة . ولكن جماهير الشعب الثائرة والمحتشدة في الميادين والشوارع أكدت وعيها الكامل بكل هذه الألاعيب وأبدت عزمها النهائي على المضي بمطالبها حتى تتحقق بالكامل ، وأعلنت رفضها المطلق لكل رموزه ، بل ورفضت كل الطروحات اتي زينت تفويض جهات ما بالتفاوض باسمهم مع النظام ، مصممة على إسقاط النظام باسره وفي المقدمة رأس النظام ليتم من بعدها تشكيل حكومة إنقاذ وطني تقود مرحلة الانتقال .
إن المؤتمر الناصري العام لا يريد بهذا البيان إعلان تأييده لهذه الثورة المباركة لأنه بالأصل من المساهمين فيها وبفعالية منذ انطلاقتها الأولى ويقف في مقدمة من يعمل على استمرارها وتطويرها ، وهو دور كان قد مارسه ولا يزال في ثورة تونس المظفرة أيضاً عبر العناصر القومية البطلة التي جسدت مفاهيم النضال عملياً ، ولكن المؤتمر يريد أن ينقل لجماهير الأمة في كل مكان تصميم ثوار الكنانة على المضي بمطالب التغيير إلى نهاياتها المظفرة بإذن الله ، كما يريد ان يضعها بما تحاول القوى المعادية من وسائل لإجهاض هذه الثورة والالتفاف عليها ، وبالتالي فهو يطالب كل الجماهير العربية بالوقوف بحزم إلى جانب الثورة ودعمها وفك الحصار عنها لأن القوى المعادية تحاول خنقها وتشويهها أو حتى حرفها إلى مسارات بعيدة عن إرادة الجماهير العربية .
إن المؤتمر الناصري العام رغم اعتقاده أنه يمثل نبض هذه الثورة ويجسد تماماً ما تطرحه من مطالب ، لا يدعي امتلاكها ولا يؤمن بإقصاء أية قوة تساهم فيها أو تؤمن بمبادئها أو تريد الالتحاق بها . ويدعو إلى ضم الصفوف وتعاون كل القوى لإنجاز مهمة إسقاط النظام وفتح الطريق إلى مجتمع الديموقراطية والعدالة الاجتماعية والتنمية الحقيقية والتزام القضايا القومية .
وكما قال القائد الخالد جمال عبد الناصر : ( لقد آن لكل عربي أن يدخل في الحساب أو يخرج من كل حساب ) . فلتنهض قوى الأمة إلى مهامها ، ولتترك قواها السياسي خلافاتها وشرذماتها ولتنتظم كلها في مهمة التغيير وصد محاولات الأعداء لإجهاضها . وهو يوجه النداء بالدرجة الأولى إلى القوى القومية العربية ويهيب بها الارتفاع إلى مستوى هذه التحديات الخطيرة منبهاً أن التاريخ لا يرحم من يتخلف عن استحقاقاته .
عاش نضال الأمة العربية على طريق الحرية والاشتراكية والوحدة .
النصر للثورة العربية الهادرة في مصر وتونس وفي كل الأرجاء العربية التالية .
المجد والخلود لشهداء الثورة في تونس ومصر وكل الذين سبقوهم أو يلحقوا بهم في كل الوطن العربي .
عن / المؤتمر الناصري العام
القاهرة المظفرة في 31 يناير 2011 د. خالد الناصر
رئيس المؤتمر الناصري العام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق